يقول الجبرية: الظلم هو تصرف المالك في غير ملكه، فالمؤلف يقول: إن الله يتصرف في ملكه، فلا يسأل لأنه تصرف في ملكه، والخلق كلهم ملكه، وعلى هذا فيجوز له أن يتصرف فيهم بأن يقلب التشريعات والجزاءات، وأن يحمّل الأنبياء والمتقين أوزار الفجار والكفار، ولا يكون ظلمًا لأنه يتصرف في ملكه. وهذا باطل؛ بل الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، كأن يحمل أحدًا أوزار غيره أو يمنعه ثواب عمله، هذا هو الظلم، وهو الذي نفاه الله عن نفسه، والظلم مقدور لله، ولهذا حرمه على نفسه، ونزه نفسه عنه ونفاه، ولو كان الظلم مستحيلًا على الله -كما تقول الجبرية- فكيف يحرم على نفسه شيئًا مستحيلًا؟! ما الفائدة من تحريم المستحيل؟! كيف ينفي الظلم عن نفسه وهو غير مقدور له؟! فقول الجبرية هذا باطل، وقوله: {لا يسأل عما يفعل}[الأنبياء:23]؛ لكمال حكمته، لا لأنه يفعل بالقدرة والمشيئة كما تقول الجبرية.