-
الخوف من انسلاخ القلب فوق الخوف من الذنوب
عدد الزيارات :
-
السؤال الأخير وفقكم الله، هذا يقول: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى- في النونية: والله ما خوف الذنوب وإنها *** لعلى سبيل العفو والغفران لكن ما أنشى أخشاه انسلاخ القلب *** من تحكيم هذا الوحي والقرآن يرجو شرح هذا البيت.
-
يقول ابن القيم -رحمه الله-: لا أخشى الذنوب، يعني: المعاصي تحت مشيئة الله، وهي على سبيل العفو والغفران، والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، والإنسان ليس معصومًا من الذنوب، وفي الحديث: (كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، والذنوب لها مكفرات، منها عفو الله ومنها المصائب، ومنها الحسنات، لكن أخشى انسلاخ القلب من تحكيم الكتاب والسنة، إذا انسلخ القلب وصار لا يحكم كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا يرى العمل بهما، هذا هو المصيبة. أما إذا كان يعظم كتاب الله ويعظم سنة رسول الله، ويحكمهما في كل شأن من شؤونهما، إذا جاءه الحديث عن رسول قال: على العين والرأس، إذا قرأت الآية الكريمة قال: على العين والرأس، وقبلها وعظمها، وحكمها في نفسه وفي أهله وفي شؤونه، هذا هو المهم. أما كون الإنسان تقع منه المعصية فليس معصومًا، حتى المتقين ذكر الله -سبحانه وتعالى- أنه تقع منهم المعاصي، لكن لا يصرون عليها، قال الله -تعالى- في وصف المتقين: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135]. فابن القيم يقول: والله يقول: لا أخشى الذنوب، وإنما أخشى انسلاخ القلب من تحكيم القرآن والسنة، إذا انسلخ القلب، وصار لا يحكم الكتاب والسنة، ولا يرى العمل بهما، هذا هو المصيبة، هذا قد يكون ردة، إذا كان لا يرى تحكيم الكتاب والسنة، بل على الإنسان أن يعتقد أنه يجب عليه أن يعمل بالكتاب والسنة، فإذا يرى أنه لا يجوز تحكيم الكتاب والسنة انسلخ قلبه وكفر، والعياذ بالله، وكان كفرًا وضلالًا، أما إذا كان يحكم الكتاب والسنة، ويقبل ما جاء في الكتاب والسنة، وهو يجاهد نفسه، لكن تقع منه المعاصي، فالمعاصي على سبيل العفو والغفران، هذا معنى كلامه.