-
حقيقة الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء في الإيمان
عدد الزيارات :
-
يقول: كيف يكون الخلاف مع الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- والجمهور لفظيًّا مع أن الأعمال عنده مكملة للإيمان، والجمهور على أن العمل ركن في الإيمان؟ فهل قوله -رحمه الله- يقتضي أن ترك العمل بالجوارح لا يكفر صاحبه؟
-
أبو حنيفة وأصحابه يرون أن الأعمال مطلوبة، الفرق بينه وبين بقية المرجئة: المرجئة الجهمية يقولون: ما هي مطلوبة الأعمال، الواجبات ليست مطلوبة، والمحرمات يجوز فعلها، أما أبو حنيفة فلا، يقول: الواجبات مطلوبة، والمحرمات يجب تركها، ومن فعل المحرمات يعاقب، ويقام عليه الحد، لكن ما نسميها إيمانًا، اختلف في التسمية، نسميها هدى، ونسميها برًّا، ونسميها تقوى، هذا الخلاف للفظي من هذه الجهة، لكنه ليس لفظيًّا من جميع الوجوه. وقد بينا هذا في شرح الطحاوية أن القول بأن الخلاف لفظي بين مرجئة الفقهاء وبين أهل السنة ليس خلافًا لفظيًّا من جميع الوجوه، بل هذا الخلاف له تأثير، من آثاره: أن أهل السنة والجماعة وافقوا الكتاب والسنة لفظًا ومعنى، والمرجئة أبو حنيفة وأصحابه وافقوا الكتاب والسنة معنى وخالفوهما لفظًا، ولا يجوز للإنسان أن يخالف الكتاب والسنة، لا لفظًا ولا معنى، بل الواجب التأدب مع النصوص. وثانيًا: أن مرجئة الفقهاء فتحوا بابًا للفساق؛ لما قالوا: إن الأعمال ليست من الإيمان، وأن إيمان الناس سواء، وأن الإيمان هو التصديق، فالعاصي مصدق، والمطيع مصدق، وإيمانهما واحد، فتحوا الباب للفساق، فيأتي السكير العربيد يقول: أنا مؤمن كامل الإيمان، إيماني كإيمان أبي بكر وعمر، وكإيمان جبريل وميكائيل! فإذا قيل له: كيف إيمانك مثل إيمان أبي بكر؟! قال: أنا مصدق، وأبو بكر مصدق، واحد، تصديق واحد، إيمان أهل الأرض وأهل السماء سواء، فإذا قيل: أبو بكر له أعمال عظيمة، ما لنا دعوى بالأعمال، الأعمال هذه ليست إيمان، هذه بر وتقوى، من الذي فتح الباب هذا؟ المرجئة. وكذلك فتحوا الباب للمرجئة المحضة، وهم الجهمية، دخلوا معهم؛ لما قال مرجئة الفقهاء: إن الأعمال ليست من الإيمان، وإن كانت مطلوبة دخل المرجئة المحضة وقالوا: الأعمال ليست مطلوبة أساسًا، لا الواجبات ولا المحرمات، هذه آثار تترتب على الخلاف، لكن القول بأنه لفظي بمعنى من جهة أنهم يقولون: إن الأعمال مطلوبة.