-
تأثير المعاصي على الحج
عدد الزيارات :
-
أحسن الله إليك، ومن الأسئلة في هذا المقام في العناية بالتوحيد، نقول يا فضيلة الشيخ فيما يتعلق بهذا الموضوع: هل الواجب على الحاج حينما يعمل عملًا لا يرضي الله -عز وجل-، بمعنى أنه يعصي الله -تعالى-، فهل هذا يؤثر في التوحيد؟
-
لا شك أن المعاصي تنقص الإيمان وتضعف الإيمان، قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ويشرب الخمر وهو يشربه وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهب وهو مؤمن) رواه البخاري ومسلم، متفق على صحته، قال العلماء: معنى قوله: (لا يزني وهو مؤمن) نفى عنه الإيمان الواجب، لكن معه أصل الإيمان، لأنه ليس بكافر، قال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، (لا يؤمن من لا يؤمن جاره بوائقه). هذه المعاصي تؤثر في الإيمان وتضعف الإيمان وتنقص الإيمان، لكنها لا تقضي عليه، الإيمان لا يزال يبقى، ولهذا من دخل النار من العصاة يخرج منها، يقول الرب –سبحانه-: (أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من حبة خردل من إيمان)، فيبقى شيء من الإيمان يخرج به من النار، ولا ينتهي الإيمان إلا بالشرك، إذا جاء الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر أو النفاق الأكبر، قضى على التوحيد، قضى على الإيمان، ما يبقى شيء، لكن المعاصي وإن عظمت ولو كثرت، تضعف الإيمان وتنقصه، لكن لا تقضي عليه. والزاني نفى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان الواجب، ولم ينفِ عنه أصل الإيمان؛ بدليل أن الزاني والسارق تُقام عليهم الحدود، ولو كانوا كفارًا لوجب قتلهم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من بدل دينه فاقتلوه)؛ بدليل أنهم يتوارثون، فالعصاة ضعفاء الإيمان، يُقال: ضعيف الإيمان، لا يُعطى الإيمان الكامل، فلا يقال: هو مؤمن بإطلاق، ولا يُقال: ليس بمؤمن بإطلاق، يُقال: مؤمن ناقص الإيمان، مؤمن ضعيف الإيمان، مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، ولا ينفى عنه الإيمان، لا يقال: ليس بصادق الإيمان، ليس بمؤمن حقًّا، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة.